فصل: قال ابن كثير:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقال ذَرَّةٍ فِي السموات وَلاَ فِي الأرض} [سبأ: 3] وأيضًا لما ذكر أمر القلوب بقوله: {هُوَ الذي أَنزَلَ السكينة فِي قُلُوبِ المؤمنين} والإيمان من عمل القلوب ذكر العلم إشارة إلى أنه يعلم السر وأخفى، وقوله: {حَكِيمًا} بعد قوله: {عَلِيمًا} إشارة إلى أنه يفعل على وفق العلم فإن الحكيم من يعمل شيئًا متقنًا ويعلمه، فإن من يقع منه صنع عجيب اتفاقًا لا يقال له حكيم ومن يعلم ويعمل على خلاف العلم لا يقال له حكيم. اهـ.

.قال القرطبي:

{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)}.
اختلف في هذا الفتح ما هو؟ ففي البخاري حدّثني محمد بن بشار قال حدّثنا غندر قال حدّثنا شعبة قال سمعت قتادة عن أنس {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} قال: الحديبِية.
وقال جابر: ما كنا نعدّ فتح مكة إلا يوم الْحُدَيْبيَة.
وقال الفرّاء: تعدون أنتم الفتح فتح مكة وقد كان فتح مكة فتحًا ونحن نعدّ الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبِية، كنا نُعَدّ مع النبي صلى الله عليه وسلم أربع عشرة مائة، والحديبية بئر.
وقال الضحاك: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} بغير قتال.
وكان الصلح من الفتح.
وقال مجاهد: هو مَنْحَره بالحديبية وحلقه رأسه.
وقال: كان فتح الحديبية آية عظيمة، نزح ماؤها فمج فيها فدرّت بالماء حتى شرب جميع من كان معه.
وقال موسى بن عقبة: قال رجل عند مُنْصَرَفهم من الحديبية: ما هذا بفتح؛ لقد صدّونا عن البيت.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «بل هو أعظم الفتوح قد رضي المشركون أن يدفعوكم عن بلادهم بالراح ويسألوكم القضية ويرغبوا إليكم في الأمان وقد رأوا منكم ما كرهوا» وقال الشعبي في قوله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا} قال: هو فتح الحديبية، لقد أصاب بها ما لم يُصب في غزوة؛ غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر، وبويع بيعة الرضوان، وأطعِموا نخل خيبر، وبلغ الهَدْيُ مَحِلّه، وظهرت الروم على فارس؛ ففرح المؤمنون بظهور أهل الكتاب على المجوس.
وقال الزهريّ: لقد كان الحديبية أعظم الفتوح؛ وذلك أن النبيّ صلى الله عليه وسلم جاء إليها في ألف وأربعمائة، فلما وقع الصلح مشى الناس بعضهم في بعض وعلموا وسمعوا عن الله، فما أراد أحد الإسلام إلا تمكن منه؛ فما مضت تلك السنتان إلا والمسلمون قد جاءوا إلى مكة في عشرة آلاف.
وقال مجاهد أيضًا والعَوْفي: هو فتح خَيْبر.
والأوّل أكثر؛ وخَيْبَرُ إنما كانت وعْدًا وُعِدُوه؛ على ما يأتي بيانه في قوله تعالى: {سَيَقول المخلفون إِذَا انطلقتم} [الفتح: 5 1]، وقوله: {وَعَدَكُمُ الله مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هذه} [الفتح: 20].
وقال مُجَمِّع بن جارية وكان أحد القراء الذين قرءوا القرآن: شهدنا الحديبية مع النبيّ صلى الله عليه وسلم، فلما انصرفنا عنها إذا الناس يهزون الأباعر؛ فقال بعض الناس لبعض: ما بال الناس؟ قالوا: أوحى الله إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم.
قال: فخرجنا نُوجِف فوجدنا نبيّ الله صلى الله عليه وسلم عند كُراع الغَمِيم، فلما اجتمع الناس قرأ النبيّ صلى الله عليه وسلم {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} فقال عمر بن الخطاب: أوَفتحٌ هو يا رسول الله؟ قال: «نعم، والذي نفسي بيده إنه لفتح».
فقسمت خيبر على أهل الحديبية، لم يدخل أحد إلا من شهد الحديبية.
وقيل: إن قوله تعالى: {فَتْحًا} يدل على أن مكة فتحت عَنْوة؛ لأن اسم الفتح لا يقع مطلقًا إلا على ما فتح عَنْوَةً.
هذا هو حقيقة الاسم.
وقد يقال: فُتح البلد صُلْحًا، فلا يفهم الصلح إلا بأن يُقرن بالفتح، فصار الفتح في الصلح مجازًا.
والأخبار دالة على أنها فتحت عَنْوة؛ وقد مضى القول فيها، ويأتي.
{لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2)}.
قال ابن الأنباري: {فَتْحًا مُبِينًا} غير تام؛ لأن قوله: {لِّيَغْفِرَ لَكَ الله مَا تَقَدَّمَ} متعلق بالفتح.
كأنه قال: إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا لكي يجمع الله لك مع الفتح المغفرة؛ فيجمع الله لك به ما تَقَرّ به عينك في الدنيا والآخرة.
وقال أبو حاتم السِّجستاني: هي لام القسم.
وهذا خطأ؛ لأن لام القسم لا تكسر ولا ينصب بها؛ ولو جاز هذا لجاز: ليقوم زيد؛ بتأويل ليقومن زيد.
الزَّمَخْشَرِيّ: فإن قلت كيف جعل فتح مكة علة للمغفرة؟ قلت: لم يجعل علة للمغفرة، ولكن لاجتماع ما عدّد من الأمور الأربعة، وهي: المغفرة، وإتمام النعمة، وهداية الصراط المستقيم، والنصر العزيز.
كأنه قال يَسّرنا لك فتح مكة ونصرناك على عدوّك ليجمع لك عِزّ الدارين وأعراض العاجل والآجل.
ويجوز أن يكون فتح مكة من حيث إنه جهاد للعدوّ سببًا للغفران والثواب.
وفي الترمذي عن أنس قال: أُنزلت على النبيّ صلى الله عليه وسلم {لِّيَغْفِرَ لَكَ الله مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} مَرْجِعَه من الحديبية؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لقد أنزلت عليّ آية أحبّ إليّ مما على وجه الأرض».
ثم قرأها النبي صلى الله عليه وسلم عليهم؛ فقالوا: هنيئًا مريئًا يا رسول الله، لقد بيّن الله لك ماذا يفعل بك؛ فماذا يفعل بنا؟ فنزلت عليه: {لِّيُدْخِلَ المؤمنين والمؤمنات جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار حتى بلغ فَوْزًا عَظِيمًا} قال حديث حسن صحيح.
وفيه عن مُجَمِّع بن جارية.
واختلف أهل التأويل في معنى {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} فقيل: {مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ} قبل الرسالة.
{وَمَا تَأَخَّرَ} بعدها؛ قاله مجاهد.
ونحوه قال الطبري وسفيان الثوري، قال الطبري: هو راجع إلى قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ إلى قوله تَوَّابًا}.
{لِّيَغْفِرَ لَكَ الله مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ} قبل الرسالة {وَمَا تَأَخَّرَ} إلى وقت نزول هذه الآية.
وقال سفيان الثوري: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ} ما عملته في الجاهلية من قبل أن يوحى إليك.
{وَمَا تَأَخَّرَ} كل شيء لم تعمله؛ وقاله الواحدي.
وقد مضى الكلام في جريان الصغائر على الأنبياء في سورة (البقرة)؛ فهذا قول.
وقيل: {مَا تَقَدَّمَ} قبل الفتح.
{وَمَا تَأَخَّرَ} بعد الفتح.
وقيل: {مَا تَقَدَّمَ} قبل نزول هذه الآية.
{وَمَا تَأَخَّرَ} بعدها.
وقال عطاء الخراسانيّ: {مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ} يعني من ذنب أبويك آدم وحوّاء.
{وَمَا تَأَخَّرَ} من ذنوب أمتك.
وقيل: من ذنب أبيك إبراهيم.
{وَمَا تَأَخَّرَ} من ذنوب النبيّين.
وقيل: {مَا تَقَدَّمَ} من ذنب يوم بدر.
{وَمَا تَأَخَّرَ} من ذنب يوم حُنَين.
وذلك أن الذنب المتقدّم يوم بدر، أنه جعل يدعو ويقول: «اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تُعْبد في الأرض أبدًا» وجعل يردّد هذا القول دفعات، فأوحى الله إليه: من أين تعلم أني لو أهلكت هذه العصابة لا أُعبد أبدًا؛ فكان هذا الذنب المتقدّم.
وأما الذنب المتأخر فيوم حنين، لما انهزم الناس قال لعمه العباس ولاْبن عمه أبي سفيان: {ناولاني كَفًّا من حَصْباء الوادي} فناولاه فأخذه بيده ورمى به في وجوه المشركين وقال: «شاهت الوجوه حاما لا ينصرون» فانهزم القوم عن آخرهم، فلم يبق أحد إلا امتلأت عيناه رملًا وحصباء.
ثم نادى في أصحابه فرجعوا فقال لهم عند رجوعهم: «لو لم أرمهم لم ينهزموا» فأنزل الله عز وجل: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ولكن الله رمى} [الأنفال: 71] فكان هذا هو الذنب المتأخر.
وقال أبو علي الرُّوذَبَارِيّ: يقول لو كان لك ذنب قديم أو حديث لغفرناه لك.
قوله تعالى: {وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ} قال ابن عباس: في الجنة.
وقيل: بالنبوّة والحكمة.
وقيل: بفتح مكة والطائف وخيبر.
وقيل: بخضوع من استكبر وطاعة من تجبّر.
{وَيَهْدِيَكَ صراطا مُّسْتَقِيمًا} أي يثبتك على الهدى إلى أن يقبضك إليه.
{وَيَنصُرَكَ الله نَصْرًا عَزِيزًا} أي غالبًا منيعًا لا يتبعه ذل.
{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ}.
{السَّكِينَةَ}: السكون والطمأنينة.
قال ابن عباس: كل سكينة في القرآن هي الطمأنينة إلا التي في (البقرة).
وتقدّم معنى زيادة الإيمان في (آل عمران).
وقال ابن عباس: بُعث النبيّ صلى الله عليه وسلم بشهادة أن لا إله إلا الله؛ فلما صدّقوه فيها زادهم الصلاة؛ فلما صدّقوه زادهم الزكاة؛ فلما صدّقوه زادهم الصيام؛ فلما صدّقوه زادهم الحج؛ ثم أكمل لهم دينهم؛ فذلك قوله: {ليزدادوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ} أي تصديقًا بشرائع الإيمان مع تصديقهم بالإيمان.
وقال الربيع بن أنس: خَشْيَةً مع خشيتهم.
وقال الضحاك: يقينًا مع يقينهم.
{وَلِلَّهِ جُنُودُ السماوات والأرض} قال ابن عباس: يريد الملائكة والجنّ والشياطين والإنس {وَكَانَ الله عَلِيمًا} بأحوال خلقه {حَكِيمًا} فيما يريده. اهـ.

.قال ابن كثير:

تفسير سورة الفتح:
وهي مكية.
قال الإمام أحمد حدثنا وَكِيع، حدثنا شُعْبَة، عن معاوية بن قرة قال: سمعت عبد الله بن مغفل يقول: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح في مسيره سورة الفتح على راحلته فرجَّع فيها- قال معاوية: لولا أني أكره أن يجتمع الناس علينا لحكيت لكم قراءته، أخرجاه من حديث شعبة به.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)}.
نزلت هذه السورة الكريمة لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية في ذي القعدة من سنة ست من الهجرة، حين صده المشركون عن الوصول إلى المسجد الحرام ليقضي عمرته فيه، وحالوا بينه وبين ذلك، ثم مالوا إلى المصالحة والمهادنة، وأن يرجع عامه هذا ثم يأتي من قابل، فأجابهم إلى ذلك على تكره من جماعة من الصحابة، منهم عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، كما سيأتي تفصيله في موضعه من تفسير هذه السورة إن شاء الله. فلما نحر هديه حيث أحصر، ورجع، أنزل الله، عز وجل، هذه السورة فيما كان من أمره وأمرهم، وجعل ذلك الصلح فتحًا باعتبار ما فيه من المصلحة، وما آل الأمر إليه، كما روى عن ابن مسعود، رضي الله عنه، وغيره أنه قال: إنكم تعدون الفتح فتح مكة، ونحن نعد الفتح صلح الحديبية.
وقال الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: ما كنا نعد الفتح إلا يوم الحديبية.
وقال البخاري: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء قال: تعدون أنتم الفتح فتح مكة، وقد كان فتح مكة فتحًا، ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية، كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عشرة مائة، والحديبية بئر. فنزحناها فلم نترك فيها قطرة، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتاها فجلس على شفيرها، ثم دعا بإناء من ماء فتوضأ، ثم تمضمض ودعا، ثم صبه فيها، فتركناها غير بعيد، ثم إنها أصدرتنا ما شئنا نحن وركائبنا.
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو نوح، حدثنا مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، قال: فسألته عن شيء- ثلاث مرات – فلم يرد علي، قال: فقلت لنفسي: ثكلتك أمك يا ابن الخطاب، نزرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات فلم يرد عليك؟ قال: فركبت راحلتي فتقدمت مخافة أن يكون نزل في شيء، قال: فإذا أنا بمناد ينادي: يا عمر، أين عمر؟ قال: فرجعت وأنا أظن أنه نزل في شيء، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «نزلت علي الليلة سورة هي أحب إلي من الدنيا وما فيها: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ}».
ورواه البخاري، والترمذي، والنسائي من طرق، عن مالك، رحمه الله، وقال علي بن المديني: هذا إسناد مديني جيد لم نجده إلا عندهم.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن قتادة، عن أنس بن مالك، رضي الله عنه، قال: نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} مرجعه من الحديبية، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لقد أنزلت علي آية أحب إلي مما على الأرض»، ثم قرأها عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: هنيئا مريئا يا نبي الله، لقد بين الله، عز وجل، ماذا يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ فنزلت عليه: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ} حتى بلغ: {فَوْزًا عَظِيمًا} [الفتح: 5]، أخرجاه في الصحيحين من رواية قتادة به.
وقال الإمام أحمد: حدثنا إسحاق بن عيسى، حدثنا مُجَمِّعُ بن يعقوب، قال: سمعت أبي يحدث عن عمه عبد الرحمن بن أبي يزيد الأنصاري عن عمه مجمع بن جارية الأنصاري- وكان أحد القراء الذين قرءوا القرآن- قال: شهدنا الحديبية فلما انصرفنا عنها إذا الناس ينفرون الأباعر، فقال الناس بعضهم لبعض: ما للناس؟ قالوا: أوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجنا مع الناس نوجف، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته عند كراع الغميم، فاجتمع الناس عليه، فقرأ عليهم: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}، قال: فقال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي رسول الله، وفتح هو؟ قال: «إي والذي نفس محمد بيده، إنه لفتح». فقسمت خيبر على أهل الحديبية لم يدخل معهم فيها أحد إلا من شهد الحديبية، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثمانية عشر سهما، وكان الجيش ألفا وخمسمائة فارس، فأعطى الفارس سهمين، وأعطى الراجل سهما.
رواه أبو داود في الجهاد عن محمد بن عيسى، عن مجمع بن يعقوب، به.